العالم الجديد –
بغداد
مع بدء العد التنازلي لإجراء الانتخابات التشريعية في البلاد، وسط ظروف سياسية واقتصادية معقدة، وتراجع ملحوظ في ثقة المواطنين بالمؤسسات السياسية، عاد شبح الإكراه الانتخابي ليهيمن على المشهد السياسي من جديد، وتحديدا حول استغلال الحشد الشعبي في الانتخابات، مما يهدد بنسف شرعية هذه العملية وتحويلها إلى مجرد “تجديد شكلي” لنفس القوى التقليدية، التي تسيطر على مفاصل الدولة منذ سنوات.
إذ انقسم عدد من قادة الحشد، اليوم الخميس، حول حقيقة استغلال مقاتلي الحشد في الانتخابات، بين التأكيد حول وجود ممارسات خطيرة داخل الهيئة من عقوبات وتعذيب لمن لا يأتي ببطاقات انتخابية للهيئة، وبين ناف للأمر، الأمر الذي أثار التساؤلات حول حقيقة ما يجري.
وقال قائد فرقة العباس القتالية، ميثم الزيدي، في حديث متلفز، أشغل الجدل داخل الأوساط السياسية، إن “هناك ممارسات خطيرة وغير القانونية داخل بعض مؤسسات الحشد الشعبي، حيث أن منتسبينا يستحقون الاحترام والتقدير، لا أن يُسجنوا أو يُساء لهم لمجرد اختلافهم مع أوامر بعض القادة، أو بسبب عدم مشاركتهم في دعم مرشحين معينين”، مضيفا “ما يجري داخل بعض الفصائل تجاوز للقانون”.
وأشار إلى حالتين وصفهما بـ المؤلمة، الأولى “لمنتسب اعتُقل لمدة 40 يوما لأن أحد أقاربه شارك في حملة انتخابية لمرشح منافس، حُرم خلالها من زيارة أهله وسُحبت منه بطاقة الكي كارد، دون أي إجراء قانوني”.
وأضاف “أما الحالة الثانية، فتعلقت بعدد من المنتسبين تم استدعاؤهم إلى معسكر جنوبي العراق، بعد خسارة أحد المرشحين، حيث خضعوا لتحقيق قاسٍ داخل قاعة مظلمة، وتم تعليق أحدهم من قدميه وتعذيبه بدعوى التقصير، رغم أنه لا علاقة له بنتائج الانتخابات”، لافتا أيضا إلى أنه “تم سجن منتسب بالحشد لأنه لم يجلب 10 بطاقات انتخابية لآمر الفوج”.
وتأتي الاستعدادات للانتخابات التشريعية، بالتزامن مع تغييرات كبيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط على خلفية حرب غزة، والتي أنهت نفوذ حزب الله في لبنان، وأطاحت بنظام بشار الأسد، وسط ضغوطات دولية على العراق، من أجل حل الفصائل المسلحة القريبة من إيران، والتي تنخرط أغلبها في الحشد الشعبي.
إلى ذلك، نفى آمر اللواء الثالث في الحشد الشعبي، أبو تراب التميمي، بأن يكون هناك استغلال لمقاتلي الحشد الشعبي، مبينا أن الحديث عن ذلك لا تتجاوز 2%.
وقال التميمي في حوار مع الزميل حسام الحاج، تابعته “العالم الجديد”، إن “شعار السلاح ملك الدولة غير مطبق، وهناك شيء معنوي في الحشد تأسيسه وفتواه”.
وأضاف، أن “فالح الفياض هو بعيد عن الصراعات، ولديه رؤية مهمة لصالح الحشد الشعبي”، معتبرا أن “الحشد العشائري هو موجود من زمان وليس وليد اليوم”.
وأكد التميمي أنه “ليس هنالك استغلال لمقاتلي الحشد الشعبي في الانتخابات”، مستدركا بالقول “نسبة استغلال مقاتلي الحشد في الانتخابات لا تتجاوز 2%”.
واعتبر آمر اللواء الثالث في الحشد الشعبي “عدم وجود التيار الصدري في الانتخابات المقبلة مشكلة”، مضيفا “نتمنى المعادلة الشيعية من طرفين”.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أكدت، أمس الأربعاء، أنه لا قيمة لبطاقة الناخب دون صاحبها وأصابعه العشرة.
جاء ذلك في ظل ارتفاع أسعار بطاقات الناخب الالكترونية تدريجيا في “بورصة” شراء الأصوات في العراق، حتى وصل سعر الواحدة إلى 400 دولار، بحسب مواطنين.
وكان رئيس تحالف الحسم في بغداد، النائب السابق ليث الدليمي، أكد في 28 آيار مايو الماضي، أن الدعايات الانتخابية بدأت مبكرا، وشراء الذمم بالمال السياسي و(التاهوات) سيساعد في المشاركة، لكن من يبيع ذمته عليه البقاء بمنزله لأنه سيعيد الفاسدين لمراكز الحكم”.
وتُقدر بعض الأوساط السياسية والرقابية حجم الصرف في الانتخابات البرلمانية القادمة، بمبلغ يتراوح بين 2.5 إلى 3 تريليون دينار عراقي، وهو رقم صادم يعادل نحو 2 مليار دولار أمريكي، ويثير عشرات الأسئلة حول العدالة الانتخابية، ومشروعية المال المستخدم، وغياب آليات المراقبة والمحاسبة.
وكشف وزير الدفاع الأسبق، خالد العبيدي، في 1 آيار مايو الماضي، عن استغلال الإطار التنسيقي الحاكم في البلاد، الحشد، مرجحا عدم التئام الإطار بعد الانتخابات التشريعية المقبلة التي وصفها بـ”المصيرية”.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة، من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات، بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم، ووجود المال السياسي، الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.